کد مطلب:241034 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:142

من لم یشکر المنعم من المخلوقین لم یشکر الله عزوجل
روی الصدوق طاب ثراه بإسناده إلی محمود بن أبی البلاد قال: «سمعت الرضا - علیه السلام - یقول: من لم یشكر المنعم من المخلوقین لم یشكر الله عزوجل» [1] .

هذه الملكة من الأمثال السائرة مع اختلاف غیر مضر لمضربه من بیان الملازمة بین الشكرین للخالق و المخلوق و قد تكلمنا عما یماثله و هو المثل النبوی: «لا یشكر الله من لایشكر الناس»، [2] و المثل السائر: «من لم یشكر الناس لم یشكر الله». [3] و هنا مثل آخر و هو: «من لم یشكر الخالق لم یشكر المخلوق» [4] علی عكس المشهور.

و لاریب أن المثل المذكور دال علی الملازمة بین الشكرین.

و هنا سؤال: أیهما الأصیل و أیهما البدیل؟ و أن الإنسان إذا شكر علی ما أسداه إلیه الإنسان الآخر المخلوق مثله، فقد شكر الله علی نعمه التی لاتحصی، إذا لم یشكر هذا المخلوق، لم یشكر الله تعالی علیها: یعنی أن شكر الخالق عزوجل مسبب عن شكر المخلوق، و هل هذا صحیح؟ أوالأمر علی عكس ذلك: إذا لم یشكر الخالق لم یشكر المخلوق كما تقدم المثل الأخیر: «من لم یشكر الخالق لم یشكر المخلوق» [5] فأی التفسیرین أجدر بالقبول؟

فنقول فی الجواب

إن الحدیث النبوی و الرضوی الذی یرمی مرماه یعطی الملازمة بین شكر المخلوق و شكر الخالق فإن الأعلی و إن كان مسببا عن الأدبی بحسب الظاهر إلا أنه تعالی حیث أمرنا بشكر المتفضل المحسن إلینا فشكرناه ففی الواقع قد شكرنا الله



[ صفحه 457]



عزوجل علی فضله و إحسانه؛ إذ لولا أمره تعالی و توفیقه لما شكرنا هذا المنعم المخلوق و بما أن جمیع النعم من الله كما قال تعالی: «و ما بكم من نعمة فمن الله». [6] كان شكرنا للمخلوق شكرا للخالق لامحالة لأن المخلوق لایملك لنفسه نفعا و لاضرا و لاموتا و لاحیاة و لانشورا علم بذلك أم لم یعلم؛ إن النعم كلها لله تعالی.

و من ثم إذا (لا سمح الله) شكر إنسان علی إسداء فضل من إنسان اخر بما أنه له، لالله فقد كفر بالله عزوجل حیث جعل المخلوق منعما أصیلا، و إن أشركه مع الله فی النعمة بأن تكون من الخالق و المخلوق معا فهو مشرك فلابد لكل شاكر لنعمة أولا المعرفة بالمنعم الحقیقی و هو الله ثم الإقدام و القیام بالشكر، و الغالب یعلمون أن المخلوق لیس له شی ء و إنما الله قد وسع علیه من فضله و وقفه للإحسان إلی مخلوق مثله.

و موجز الكلام: أن العاقل لایشكر المخلوق علی نعمة جاءت منه بما هو مخلوق، لأن الملك و النعمة لله تعالی لاشریك له فیها و لافی غیرها.



[ صفحه 458]




[1] عيون الأخبار 23:2.

[2] الأمثال النبوية 119:2، رقم المثل 434، حرف اللام مع الألف.

[3] أمثال و حكم 1849:4.

[4] الأمثال النبوية 119:2.

[5] المصدر.

[6] النحل: 53.